تونس (الشروق)الجمعة 23 سبتمبر 2011 الساعة 09:48:37 بتوقيت تونس العاصمة
عندما كان السيد الباجي قائد السبسي يلقي كلمته في الندوة الدولية حول «العدالة الاجتماعية ومقاومة الاقصاء في زمن الانتقال الديمقراطي» صباح أمس الأول، كان يشرك بين الفينة والأخرى الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل.
عبد السلام جراد، الذي كان حاضرا في هذه الفعالية الدولية... هنا بتونس، وعندما قال قائد السبسي: «لقد اتفقنا أنا وسي عبد السلام» فهم الحضور أن هناك اتفاقا ما، لا يكشف الوزير الأول في الحكومة المؤقتة عن فحواه.
هذا السؤال بادرت به الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ليبيّن أن التشغيل واعتماد السياسات التي تخضع الى حوار واتفاق بين كل الأطراف المعنية، هو أساس الاستقرار السياسي وأن هذا الاستقرار لا يمكن أن يستقيم بدوره، بدون الاستقرار الاجتماعي. وأضاف جراد بأن «العدالة الاجتماعية لا يمكن أن تقتصر على جهات دون أخرى، وأن الثورة قامت لأن الناس يعيشون في وسط غير متقارب من بعضه البعض من حيث الامكانيات والموارد...
وكشف النقاب عن أنّ المؤسسات الاقتصادية التي تعمل بعمق وطني، عليها أن تعطي الشعب حقه ليحقق النمو الاقتصادي توازنا جهويا.
وبخصوص ملف المناولة قال جراد: كنا دائما نقول من داخل الاتحاد إن العامل والموظف لا يمكن أن يعمل ويقدم مردودا في مؤسسته وهو ليس ضامنا لمستقبله فيها مشدّدا بالقول: «المناولة وهي متاجرة بالذات البشرية الانسانية، وهذه باعتقادي مفاتيح الحلّ».
الثورة، يضيف جراد جاءت من منطلق تأزم الوضع الاجتماعي الذي ساده الفقر والبطالة والاقصاء والتهميش.. وذكر الأمين العام للاتحاد بما قدمه ويقدمه الاتحاد العام التونسي للشغل من تقارير وخاصة التقرير الاقتصادي الذي صدر عن مؤتمر جربة وكيف أن لوائح المؤتمرات، زمن بن علي عندما كانت الأغلبية لا تجرؤ على معارضة خياراته كانت تتحدث عن خيارات وبرامج مخالفة لسياسة نظام بن علي.
وأضاف: كان أمامنا أمر من اثنين: إما أن نفاوض ونتحمّل المصاعب ونختلف وإما نقاطع المفاوضات ونأخذ مواقف قد تؤدي بالبلاد الى ما لا يحمد عقباه، لذلك كانت ساحة محمد علي (مقر المركزية النقابية بالعاصمة) كما خلية النحل، و«بكل تواضع أقول ليس هناك حركة ولا حزب سياسي قدّم ما قدمه الاتحاد من برامج اقتصادية ومناويل تنمية» معددا الفترات الصعبة التي عرفها الاتحاد العام التونسي للشغل في مواجهة السلطة، سواء عهد بورقيبة أو عهد خلفه وقال جراد، ان فترات الستينات والسبعينات والثمانينات كما التسعينات أعطتنا دروسا في كيفية إدارة الأزمات. وكيفية مواجهة النظام وسياسته بأسلوب يحمي الناس الذين يأتون الى ساحة محمد علي يحتجون على النظام...
وهنا أورد جراد قصة حصلت له شخصيا كأمين عام حين كان يقول للسلطة التي يمنع أعوانها من أن يقبضوا على المحتجين في ساحة الاتحاد بقوله: إنها حرمة الاتحاد... فواجهه مرة أحد المسؤولين لبن علي قائلا: إن القصر يسألك ونحن أين حرمتنا؟
وكانت الاحتجاجات، تندّد بالنظام ورموزه في اكثر من مناسبة بساحة محمد علي. وأن هذا الأمر، يوضّح عبد السلام جراد، ليس وليد التحركات التي سبقت الثورة، بل هو أمر دائم ولم ينقطع... وبيّن الأمين العام للاتحاد انه وفي كل الدكتاتوريات يتمكن النظام المعني من القبض وسجن النقابيين ويقضي على اي تحرّك لكن بالنسبة لنا لم يحدث هذا فتلك حرمة الاتحاد، وكنت في صراع مستمر مع السلطة... وبيّن قائلا حول مسؤولياته التي تقلّب فيها داخل الاتحاد. المسؤولية بالنسبة لنا هي نضال وتضحية والاصرار على تطبيق لوائح مؤتمراتنا.
وبخصوص الاحزاب وعلاقة الاتحاد بها قال جراد: أنا شخصيا قلت بضرورة الوقوف موقف محايد من كل الأحزاب...
وعن العلاقات التي كانت تربط المركزية النقابية ببن علي، قال مبتسما : كنا في الاجتماعات وفي المؤتمر نبحث عمّن سيتلو البرقية على مسامع الحضور، لأن الجميع يتهرّب من قراءة برقية من بن علي، وهذه حقيقة يعرفها الاخوة النقابيون... وهنا أيّد ما يقوله الملاحظون من ان الاتحاد هو الحاضن لكل الحساسيات السياسية في البلاد، ولم يحصل أن أقصي نقابي من الاتحاد بجميع هياكله من اجل انتمائه السياسي... وبيّن كيف ان الاتحاد كهيكل لا يرنو الى السلطة التي هي عملية من اختصاص الاحزاب...
وقال ان تونس الآن فعليا، هي لكل التونسيين، معلنا عن ميلاد المنتدى الديمقراطي النقابي العربي الذي سيؤمّن العلاقة بين الأحزاب والنقابات العربية، على أساس ان تكون النقابات هي القاطرة.
فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي