توجد هذه الأيام على الساحة الوطنية "تسريبات" اعلامية تكاد ترقى الى درجة الأخبار الموثوقة تشير الى حصول "اتفاق" و"توافق" بين أبرز القوى السياسية الوطنية على أن يتولى الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل الديمقراطي منصب رئيس مؤقت للجمهورية في فترة ما بعد انتخابات المجلس التأسيسي...
"الاتفاق" انبثق - تقول بعض المصادر - عن اجتماع "مغلق ومضيق" التأم مؤخرا بمقر سفارة دولة أوروبية تربطها علاقات "تاريخية" ببلادنا...
وما من شك أن هكذا "تسريبات" يمكن أن تقرأ ( بضم التاء) - ابتداء - من طرف البعض على أنها "بالونات" اختبار لتحسس مدى قابلية الرأي العام الوطني لهكذا "طرح"... أي أن يكون ثاني رئيس انتقالي للجمهورية التونسية في مرحلة ما بعد الثورة شخصية سياسية هي - لافقط - محل "توافق" وعليها شبه اجماع وانما أيضا - وربما خاصة - أن يتم فعل "التوافق" هذا في حضرة وعلى أعين وبشهادة طرف دولي بعينه...
واذ لم يعد معطى "التدخل" الأجنبي لأطراف اقليمية أو دولية في رسم ملامح مشهد الحراك السياسي وحتى العسكري في هذه الدولة أو تلك من دول "الثورات" العربية يبدو - في حد ذاته - مستهجنا اليوم أو حتى "مثيرا" خاصة لدى بعض القوى السياسية الوطنية غير "الراديكالية" التي تنظر للوضع والمتغيرات بواقعية وتحاول ألا تقفز في بناء مواقفها السياسية على ما تسميه "حقائق التاريخ والجغرافيا" فان الأمر لا يبدو بالتأكيد كذلك بالنسبة للشعوب...
فالرأي العام العربي عموما لا يزال يبدو "حساسا" جدا تجاه وجود "الآخر" الغربي الأجنبي ضمن مشهد الحراك السياسي الوطني القطري خاصة في مرحلة "مابعد الثورات" وهي "حساسية" وان كانت لها - بالتاكيد - مبرراتها التاريخية والحضارية فانها لا يجب ان تتحول الى عائق بغيض واختيار دوغمائي يحول دون "التواصل" مع المحيط الخارجي الاقليمي أو الدولي من أجل تأمين عوامل نجاح ثوراتنا... دون أن يعني ذلك - طبعا - التنازل وبأي شكل من الأشكال على مكسب استقلالية القرار السياسي الوطني الذي يعد بدوره أحد أهم العطاءات التي جادت بها علينا الثورات العربية...